أَحَد شفاء الأعمى    27  آذار  2020 -السنة التاسعة عشرة - العـدد 946

نَشــرة رَعويَّــة أُسبوعيَّـة تصـدرُ عن  رَعيَّــة مار يُوحنَّـا المَعمَــدان – عبريــن

للمراسـلات: الخـوري يُوحنَّـا - مـارون مفـرّج 999247/03 - 70/780259

Website: ebreenparish.50webs.com -Facebook: Ebreen Parish

Emails: ebreenparish@gmail.com - paroissestjeanbaptiste@hotmail.com  - pjeanmaroun@hotmail.com  

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

«يا ابن داود إرحمني ..».

 

   شفاء أعمى أريحا هو قمّة أعاجيب يسوع في إنجيل مرقس. في هذا النصّ الإنجيلي نحن أمام شفاء أعمى أبن طيما الذي يتحدّى الجمع ويطلق العنان صارخاً:" يا يسوع ابن داود ارحمني". هذا الأعمى الذي يتسوّل الدراهم يعيش قابعاً مهمّشاً ومتروكاً أضحت قارعة الطريق جزأً من حياته اليوميّة. هذا الأعمى يطرح رداءه واثباً نحو يسوع طالباً إليه بإلحاح الشفاء  بعد ان انتظره بثقة وإيمان. أمام هذا الإيمان لا يستطيع يسوع إلاّ أن يتوقف إذ لا يجتاز من ينتظره وحتى لا يتجاهله. هكذا يصرخ الصدّيقون إلى الرب في أوان الضيق وهكذا يستجيب لهم:"لأني إيّاك رجوت يا رب وأنت تجيب أيها السيّد إلهي"(مز 38/16).

"بينما يسوع خارج من أريحا" تحتلّ أريحا مكانة هامّة في صفحات الكتاب المقدّس وفي تاريخ الشعب اليهودي حيث يعود عمر هذه المدينة إلى سبعة آلاف سنة.  تتيمز أريحا بانحدارها عن سطح البحر. لذلك هي ترمز في المعتقد اليهوديّ، إلى مثوى الأموات أي "الشيول" حيث نزل إليه يسوع وأخرج منه كل النفوس المنتظرة الخلاص. هذا ما يبدو ظاهراً في أيقونة المسيح الذي يمسك بيده كلاً من آدم وحواء ليخرجهما من هذا المكان. يتكلّم يسوع عن أريحا في مثل السامري الصالح الذي كان نازلاً إلى أريحا ووقع في أيدي اللصوص، وخلال دخوله أريحا، حيث زار زكاّ العشاّر ونزل ضيفاً في بيته. وفي هذا النصّ يسوع يسير في أريحا. إذاً نحن أمام مناخ من الشفاء والإرتداد وكل هذا يحدث بالقرب من أريحا وفي داخلها.

  

وما إن خرج يسوع وتلاميذه والجموع الغفيرة من أريحا، حتّى ظهر أعمى ابن طيما الذي يمثل كل الشعب اليهوديّ الذي كان يتنظر قدوم المسيح المخلّص. ان ابن طيما يعي عماه وحاجته إلى النور وهذا ما يشير أنه ما زال يعيش في ظلمة العهد القديم الذي كان ينتظر مجيئ المسيح. لقد همّشه المجتمع واعتبر عماه عقاباً له. لقد عرف الأعمى يسوع بقلبه قبل أن يعرفه ببصره. فرأى فيه ابناً لداود فأصابه هذا الإسم بالصميم. لقد أدرك بقوّة إيمانه أن يسوع وحده يستطيع أن يخلّصه ويرحمه. هو أراد أن يصل إلى يسوع رغم ازداحام الجموع وإسكاته له فتخطّاها بإيمانه.

 

لقد طلب الأعمى من يسوع بإلحاح:"ارحمنى يا ابن دواد". فتوّقف يسوع متوّجهاً إلى الجموع "أُدعوه"استوقفه الأعمى وعلّم الجموع الإصغاء. سأل يسوع الأعمى ماذا تريد؟  فالطلب هو تعبير عن الذات وتثبيت للوجود. ربح الأعمى الرهان حين استوقف يسوع إذ طرح رداء العمى والضعف آتياً إلى يسوع الذي سأله:"ماذا تريد أن أصنع لك؟" سأل يسوع الأعمى ليستنهض الوعي الأعمق فيه فيطلب النور ويتمسّك بالشفاء حتى لا يعود يسقط في العمى الداخلي الذي يصيب الجموع المحتشدة حول يسوع فقال له:"أبصر إيمانك خلّصك".

 

كان الأعمى أقرب ليسوع ممّا كانت الجموع التي تبصر قريبة منه ولكنها في الواقع كانت بعيدة عنه كلّ البعد، فلم تر فيه ابن داود بل يسوع الناصري صانع المعجزات:"...إنّي جئت إلى هذا العالم لإصدار حكم: أن يبصر الذين لا يبصرون ويعمى الذين يبصرون"(يو9/39).

 

حين شُفي الأعمى"تبع يسوع في الطريق" وهذا أمر لم يفعله أعمى بيت صيدأ ولم يستطع أن يقدم عليه الرجل الغني. تبعه في الطريق التي تقود إلى أورشليم، حيث يتمّ  سّر الألم والموت والقيامة. هكذا يضحي مصير كل من أراد أن يكون تلميذاً ويرغب في اتباع  يسوع على طريق الحق والحياة. برطيما هو نموذج التلميذ الذي لا يستطيع بنفسه أن يتبع يسوع، هو مثل بطرس الذي لم يفهم الإنباء الأول بالالآم، ومثل يعقوب ويوحنا اللذين أرادا أن يرتفعا على الآخرين.

 

ولكن يسوع يشفي تلاميذه وينير قلوبهم فيستطيعون أن يتبعوه عبر كل مراحل حياته وصولاً إلى الصليب حيث الموت والقيامة. حيث يصبح يسوع والطريق شيئاً واحداً:" أنا هو الطريق والحق والحياة".

 

 عندما خلع الأعمى رداءه الذي كان يحميه من البرد، أراد أن يخلع كل ماضيه الذي كان يعيشه متخلّياً عن كل الضمانات البشرية، ليصبح المسيح ابن داود ضمانته الوحيدة، وفي قوّة الإيمان هذا تمّت المعجزة. ان الإيمان يردم المسافة ليصبح الإنسان قريباً من الله. فالعمى الحقيقي يصيب في الواقع الجمع الذي كان يمشي مع يسوع لا ابن طيما القابع مكانه.

 

هذا ما حصل مع النازفة، عندما كان الجميع  يزحمون يسوع ولكنها وحدها لمسته ووحدها حصلت على قدرة الشفاء، لذلك فالإيمان وحده يكفي للخلاص ولكن"الإيمان بدون أعمال ميت هو" كما يقول القديس يعقوب لذا علينا أن نظهر أيماننا بأعمالنا الحسنة.

 

"إذهب إيمانُك خلّصك" الله دوماً يتدخّل في تاريخنا ويقوده . هذا ما بدا ظاهراً في تاريخ الأباء والأنبياء في صفحات العهد القديم.

 

 كان إبراهيم منصرفاً عقيماً ليس من يرثه وأصبح شيخاً طاعناً في السنّ، وكان وعد الله له قد طال إلاّ أن تراءى الله  له في بلّوط ممرا:"وتراءى  الرب له عند بلّوط ممرا، وهو جالس في باب الخيمة، عند احتداد النهار...وقال إبراهيم: سيدي إن نلتُ حُظوة في عينيك، فلا تجز عن عبدك"(تك18/1).

 

   ففي ظلمة تاريخنا وخطيئتنا نحن مدعوون أن نستوقفه ونصرخ له كما صرخ له إبراهيم وابن طيما:" يا ابن داود ارحمنا" الله يحترم حريتنا، إذا لم نستوقفه وندعوه ونعبّر له عمّا يختلج في نفوسنا لا يستطيع أن يشفينا ويخلّصنا. الأعمى أدرك أنه أعمى فانتهز فرصة العمر عندما مرّ يسوع بقربه.

 

   أراد ألاعمى بأن يقول ليسوع إن لم تقف يا ابن داود لم أعد موجوداً. فمن له الشجاعة أن ينطلق على الدرب مع يسوع سيندهش وهو يكتشف درب النور هذا.

  لا يكفي النظر والمجيئ إلى يسوع، وحدها الإقامة معه تجعلني تلميذاً له. أعمى أريحا هو نموذج التلميذ الحقيقي الذي يثبت ويتبع يسوع في الطريق إلى أورشليم.

   

 لذلك فالإلتزام بطريق الله  قرار نأخذه في قلب "الظلمة" والإلتزم هو اقتبال وضعي الضعيف الذي هو بحاجة إلى القوّة والشفاء.

 

    فعندما أقتبل "الظلمة" عندئذٍ أستطيع أن أُقبل إلى النور. إذا كنّا نريد الحياة يجب أن ندرك أين تكمن مساحات الظلمة والعمى والموت في حياتنا.

 

لذا نحن مدعوون أن ندرك ونرى من هو يسوع ونختبره ليتسنّى لنا اتباعه. وهذا ما فعله ابن طيما الذي لم  يستطع أن يتبع  يسوع إلاّ بعد أن أبصره أولاً في قلبه وعقله وإيمانه ثمّ بعينيه.

 

 قد يتسنّى للشيطان بأن يجترح  الكثير من الأعاجيب، لكنه لا يستطيع أن يعطي النور لأحد، لأن يسوع هو مصدر النور وحده.

 

عندما نلتقي الله  نطرح عنّا رداء الماضي والخطيئة واليأس والإنسان القديم الذي يستعبدناً. كلّما شرب الإنسان من فراغه الذاتي يتزايد إلتهاب عطشه باستمرار.

 

يقول الأب تيار دي شاردان:"ان فهمنا تماماً معنى الصليب، لا يُخشى أن نجد ان الحياة مُحزنة وقذرة، بل نصبح أكثر انتباهاً إلى أهميتها التي لا تُدرك".

 

ويقول الفريد دي موسيه:" الإنسان تلميذ والألم معلّمه ولا يعرف أحد نفسه ما لم يتألم". لذلك لا معنى للحياة من غير العودة إلى الذات وإلى الله. ولا معنى لآلامنا وجهودنا في هذه الحياة دون عيش معنى الصليب.

 

   يعلّمنا إنجيل ابن طيما الأعمى، ان قوى الشّر والخطيئة تحاول دوماً أن تصرف نظرنا عن حقيقة الله وخلاصه، لذلك يردّد أحد القديسين:"من يتنبّه لكمائن الشّر ويتحسّس خطاياه، هو أعظم ممّن يقيم الموتى".

 

    هذه القوى تُعمي بصيرتنا وتهشّمنا وتُحجّم كل أهدافنا وتدفعنا لكي نظلّ قابعين في مكاننا وتّعدم ثقتنا بنفوسنا وتتلاعب بكل قناعتنا وتستنزف كل معنى لحياتنا. عندها تصبح حياتنا لا معنى لها وتصدّنا عن السير والثبات في طريق الخلاص.

 

    في كل لحظة من تاريخنا نحن مدعوون أن نكون أنبياء الله لنقرأ بأعين إيماننا كل تدّخلاته في رتابة حياتنا اليوميّة كما تقول القديسة تريزيا الطفل يسوع:" ان الله يتدخّل في أبسط أمور حياتنا".

 

      هذا ما نحن مدعوون أن نقرأه ونتنبه له ونعيشه.

 

 

تعميم صادر عن البطريركية المارونية

 بروتوكول 23 /2020  بكركي في 21 آذار 2020

   إخواني السَّادة المطارنة الأجلاَّء

  تحيَّة طيِّبة بالرَّب يسوع،

    أنقل إليكم البيان الصَّادر عن الكنائس المسيحيَّة في سوريا ولبنان الذي تمَّ الاتِّفاق عليه بين رؤساء هذه الكنائس، وأضيف تعليمات عن أحد الشَّعانين وأسبوع الآلام وأحد القيامة.

* أوَّلاً، البيان الصَّادر عن الكنائس المسيحيَّة في سوريا ولبنان (21 آذار 2020)

بناءً على التطورات الأخيرة لانتشار فيروس كورونا، والتعليمات الجديدة الصادرة عن الحكومات المحليّة للوقاية من هذا الوباء، نصلي كي يرأف الله بنا ويهدي الجميع إلى التعقل وحسن التصرف ويشدّد جميع الكوادر الصحية التي تقوم بخدماتها ويشفي جميع المصابين في كل العالم، ونتوجه إلى أبنائنا: 

1 - بضرورة التقيد الكامل بالتعليمات الصحية الرسمية.

2 - بتعليق كافة الخدمات والصلوات العامة بما فيها القداديس في كلّ الكنائس من تاريخه وحتى إشعار آخر.

3 - بإقامة الجنازات في كنائس المدافن حصراُ (إن وجدت) بحضور كاهن الرعية وذوي الفقيد، دون تقبل التعازي.

4 - بإيقاف كافة الاجتماعات والأنشطة من أمسياتٍ ورحلاتٍ وكرامس واحتفالاتٍ ومعارض ومسابقات وغيرها.

5 - بالابتعاد عن كل أنواع التجمعات والتزام البقاء في المنازل، وذلك للوقاية من خطر الوباء مكثفين الصلوات حفاظاً على سلامتهم وذويهم.

                                هذا مع تكرار الدعاء بحفظهم وسلام العالم أجمع.

* ثانيًا، تعليمات

   تُعلَّق الاحتفالات العموميَّة بحضور الشَّعب، ويَستخدم السَّادة المطارنة وكهنة الرَّعايا وسائل التَّواصل الاجتماعيّ لإشراك المؤمنين روحيًّا بهذه المواسم المقدَّسة، فيُقيمون الذَّبيحة الإلهيَّة في أحد الشَّعانين من دون زيَّاح، وخميس الأسرار من دون رتبة الغسل وصمدة القربان المقدَّس، وأحد القيامة من دون رتبة السَّلام والزيَّاح. أمَّا يوم الجمعة فيكتفون برتبة سجدة الصَّليب.

    نواصل صلواتنا وأصوامنا وأعمال التَّوبة إلى الله كي يرأف بنا وبالبشريَّة جمعاء: فيشفي المصابين بوباء الكورونا، ويحمي النَّاجين، ويُلهِم الباحثين والأطبَّاء على إيجاد الدَّواء النَّاجع للقضاء على هذا الوباء ووضع حدّ له. فلتكن هذه الضَّربة القاسية دعوةً لولادة إنسانٍ جديد وعالَمٍ جديد وفق قلب الله.

مع محبَّتي وصلاتي وبركتي الرَّسوليَّة. المسيح قام!  الكردينال بشارة بطرس الراعي 

  

  بناءً على توجيهات وإرشادات سيادة راعي الأبرشيّة المطران منير خيرالله، تتوقّف اجتماعات الاخويات والنشاطات واللقاءات الرعويّة والسَّهرات الانجيلية والتجمُّعات وتمارين المناولة الاولى والكورال وقدّاس الاولاد، ونكتفي بالقدَّاسات اليوميّة وبأيّام الآحاد والأعياد، مع الالتزام بقرارات الكنيسة المتعلقة بالقداسات:

١- الإكتفاء بإلقاء التحيّة او بإنحناءة الرأس عند إعطاء السّلام.

2- المناولة باليد بدلاً من الفم، بوضع اليد اليمنى تحت اليسرى بشكلِ عرشٍ للملك       

    السماويّ.

 3- يُعقى ضميرياً من فريضة المشاركة في القدّاس او أي صلاة جماعيّة في الكنيسة، كلّ مؤمن  يشعر بأي عوارض مرضيَّة مرتبطة بالفيروس (من حرارة وسعال وصداع وزكام وتعطيس، وغيرها ...).

 

 


Copyright © 2020 St John Baptist Parish - All Rights Reserved