أَحَد القيامة الكبير    12 نيسان  2020 - السنة التاسعة عشرة   -  العـدد 948

نَشــرة رَعويَّــة أُسبوعيَّـة تصـدرُ عن  رَعيَّــة مار يُوحنَّـا المَعمَــدان – عبريــن

للمراسـلات: الخـوري يُوحنَّـا - مـارون مفـرّج 999247/03 - 70/780259

Website: ebreenparish.50webs.com -Facebook: Ebreen Parish

Emails: ebreenparish@gmail.com - paroissestjeanbaptiste@hotmail.com  - pjeanmaroun@hotmail.com  

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

«إنَّه ليس ههنا ... لقد قام».

      هو يوم القيامة، رأس الأعياد وصميم إيماننا المسيحيّ، عيدٌ تجد فيه الكنيسة سبب وجودها، فدون حدث القيامة لا معنى لإيماننا، "فلو لم يقم المسيح لكان إيماننا باطل".

لقد اختارت الكنيسة المارونيّة التأمّل في رواية القيامة بحسب الإنجيليّ مرقس، وهو الإنجيل الأقدم، الّذي بقي يحتمل طابع بساطة الأحداث الأولى دون الكثير من التطوير اللاهوتيّ والرمزيّات الكتابيّة.

  هو الحدث الأوّل ببساطته، بقلّة تفاصيله ودلالاته اللاهوتيّة وبإنسانيّته العميقة. هو الإنجيل الّذي يُختَتَم في الأصل لا برواية المعجزات والظهورات والمشاركة في الطعام والسير على المياه.

   لا يورد أخبار الظهور في العليّة بشكل مفصّل ورواية شكّ توما، لا أثر لحديث الرّب القائم مع المجدليّة صبيحة القيامة، بل هو إنجيل يفاجئنا، يصدمنا، يشكّكنا أحياناً، فهو ينتهي بحادثة الهروب من واقع القيامة، بعدم الإستجابة الى طلب الملاك للنسوة بأن تذهبن الى الإخوة وتقلن لهم أن الرّب قد قام وهو يلاقيهم في الجليل، فالنسوة بقين صامتات لأنّهنّ كنّ خائفات.

   هي حقيقة إنسانيّتنا واقفة أمام واقع القيامة، تريد الإيمان وتهرب من الإعلان، تؤمن وترفض في آن معاً، إنسانيّة تذهب لتحنيط السيّد، تريد إكرامه في جسده التاريخيّ، وتخاف من حقيقة وجوده القائم المنتصر.

 إن رواية القيامة في إنجيل مرقس هي رواية إنسانيّتنا، ورفضنا، وخوفنا وهربنا، هو النصّ الأقرب الى ضعف بشريّتنا والى قدرة الله يدخل في التاريخ ويتألّم، يموت ويقوم لتحريرنا من واقع الخوف والهروب من وجه السيّد.

 ولَمَّا انقَضَى السَّبتُ اشتَرَت مَريمُ المِجدَلِيَّة ومَريمُ أُمُّ يَعقوبَ وسالومة طِيباً لِيَأتينَ فيُطَيِّبنَه:

السبت،السادس عشر من شهر نيسان، نهار الراحة المقدّس ينتهي عند غروب الشمس. هو إذا نهار الأحد. في اليوم السابق شهدت هذه النسوة الثلاثة على موت يسوع وقبره اشترين طيباً ليحنّطن يسوع. ولا نفهم هنا التحنيط بمعناه المصرّي القديم، فهذا الأمر لم يكن موجوداً عند اليهود، بل كانت العادة أن يُطيَّب جسم الميت بزيت عَطِر علامة محبّة وإكرام أكثر منها رغبة في المحافظة على الجسد دون فساد. وعِندَ فَجْرِ الأَحَد جِئنَ إِلى القَبْرِ وقد طَلَعَتِ الشَّمْس: بعد طلوع الشمس بقليل إنتقلت النسوة الى القبر، ربّما تجنّباً للخطر، فالتلاميذ إختبأوا في أورشليم خوفاً من اليهود، أمّا النسوة فكنّ قادرات على التحرّك بحريّة أكبر، إذ لا يمكن للنسوة أن يُعبروا خطراً سياسيّاً أو محرّضات على الفتنة.

لقد كانت النسوة الثلاث عالمات أن القبر مُحكم الإغلاق بحجر كبير، فهذه هي العادة اليهوديّة بالإجمال، والنسوة قد شاركن في دفن يسوع السريع في اليوم السابق. إن القبر اليهوديّ كان يتكوّن عادة من مغارة تحتوي على غُرف داخليّة، يوضع الجسد فيها مُمدَّداً على حجر أو صخرة ويُلفّ بكفن من الكتّان ويلفّ الرأس بقطع قماش مستقلّة عن الكفن وتُغلق المغارة بصخرة مستديرة كبيرة. يُترك الجسد هناك الى أن يرمّ ويضحي عظاماً، وبعدها تنقل العائلة العظام وتضعها في ناووس جدريّ صغير أو في مكان جانبيّ. وكان الجسد يُطيَّب قبل الدفن عادة، إنّما لأن دفن يسوع كان نهار السبت العظيم، أي سبت الفصح اليهوديّ، ولا يجوز للجثّة أن تبقى معلّقة على الصليب طيلة الفصح، تمّ دفن يسوع بطريقة سريعة ومختصرة، ممّا أضطرّ النسوة للعودة بعد العيد لإتمام مراسيم التطييب بحسب الأصول المتّبعة.  وكانَ يَقولُ بَعضُهُنَّ لِبَعض: "مَن يُدَحرِجُ لنا الحَجَرَ عن بابِ القَبْر ؟" فنَظَرْنَ فَرأَيْنَ أَنَّ الحَجَرَ قَد دُحرِجَ، وكانَ كبيراً جِدّاً. لا يبدو أن النسوة بحسب رواية مرقس كنّ عالمات أن القبر كان موضوعاً تحت حراسة الجنود كما يورد الإنجيليّون الآخرون، والعائق الوحيد أمامهم كان كيفيّة دحرجة الحجر. لا بدّ أنّ الحجر كان كبيراً جدّاً، فالنص اليونانيّ يقول حرفيّاً " فنَظَرْنَ فَرأَيْنَ أَنَّ الحَجَرَ قَد دُحرِجَ، لأنّه كان كبيراً جِدّاً " أي أن النساء قد عرفن أنّه دُحرِجَ بينا كنّ لا تزلن بعيدات، واستطعن رؤية الحجر المدحرج بسبب حجمه.

    فدَخَلْنَ القَبْرَ فأَبصَرْنَ شَابّاً جَالِساً عنِ اليَمينِ عَلَيه حُلَّةٌ بَيضاء فَارتَعَبنَ. لقد دخلت النساء القبر ووصلن الى الغرفة الخارجيّة التي توصل الى قبر يسوع، وهناك أبصرن الشاب جالساً "عن اليمين". يمين مَن؟ على الأرجح يمين النسوة، إذ لم يصلوا بعد الى مكان دفن يسوع، ولن يبصروا القبر الفارغ إلاّ بعد دعوة الملاك لهم للدخول والنظر.لا يستعمل مرقس كلمة "ملاك" بل شاب عليه حلّة بيضاء. هذه الحلّة البيضاء نفسها تحمل بعداً رمزيّاً، فالأبيض هو اللون السماويّ بعكس لوقا ويوحنّا حيث نجد ملاكين، مرقس يورد وجود ملاك واحد. لقد شدّد الإنجيليّيَن الآخَرَين على العدد اللازم لصدق الشهادة: لقد وجدت النسوة شاهدين، وبالتالي فالشهادة صحيحة قانونيّاً، أمّا مرقس فشدّد على البعد الإلهيّ، على التدخّل من قبل الله لإيصال رسالة للإنسان، كما في نصوص العهد القديم. فارتعبن": يستعمل مرقس وحده في العهد الجديد هذا الفعل، وهو بغاية القوّة والأهميّة، لأن حالة الخوف القويّ هذه سوف تختم الرواية بأسرها وتقود النسوة الى الهروب وعدم إعلان رسالة الله بواسطة رسوله. لا تَرتَعِبنَ ! أَنتُنَّ تَطلُبْنَ يسوعَ النَّاصريَّ المَصْلوب. إِنَّه قامَ وليسَ ههُنا، وهذا هو المَكانُ الَّذي كانوا قد وضَعوه فيه.

لقد كانت النسوة في هذه الأثناء تفتّش عن جسد يسوع، والملاك يستعمل صيغة المضارع: الّذي تفتّشون عنه. لم تستوعب النسوة ما يتمّ وما يقوله الملاك، كنّ يفتّشن بعين الجسد عن يسوع الميت ليطيّبنه ويرحلن الى بيوتهنّ لتستمرّ حياتهنّ كما كانت قبل لقائهنّ بالسيّد.

  جواب الملاك يضعهن أمام تناقض، ويقفل أمامهنّ إمكانيّة أن يجدن يسوع بواسطة النظر واللّمس، بل فقط بعين الإيمان يمكن للإنسان أن يدرك حقيقة ما تمّ في تلك الليّلة السابقة، لذلك يرشد الملاكُ النسوةَ الى حيث كان يسوع ويظهر لهنّ القبر الفارغ. هذه هي الدلالة الوحيدة، تأكيد غير حسيّ، غير منظور، غير منطقيّ، يحتاج الى الثقة، يحتاج الى الإيمان. إن يسوع الآن قد انتقل من التاريخ الى الإيمان، لم يعد يسوع التاريخيّ وحده، بل صار يسوع الإيمان، يسوع الّذي لا يمكننا أن نلمسه كما لمسته النازفة إلاّ بلمسة الإيمان، ولا يمكن ليوحنّا أن يتكئ رأسَه على صدره إلاّ بواسطة المحبّة، دون البحث عن ضمانات وعن تأكيد ملموس وعلميّ، "فللقلب تأكيدات لا يمكن للعين الجسديّة أن تقدّمها".

فَاذهَبنَ وقُلنَ لِتَلاميذِه ولِبُطرس: إِنَّه يَتَقَدَّمُكم إِلى الجَليل، وهُناكَ تَرَونَه كَما قالَ لكم.

رسالة الملاك هي تتميم لوعد يسوع لتلاميذه في 14، 28 "بَعدَ قِيامَتي، أَتَقَدَّمُكُم إِلى الجَليل". الرّب لا يزال يتقدّم الرّسل. فعند دعوة يسوع للرسل الأوّلين على شاطئ الجليل قال لهم: "سيروا خلفي"، والآن بعد القيامة لا يزال يتقدّمهم، لا يزالون مدعوّين للسير خلفه، لاتّباعه. لقد اختلف واقع السيّد الآن، فهو يسوع الحاضر في حياة المؤمن، في حياة التلميذ، يعلن ذاته المعلّم الأوحد ويدعو التلاميذ الى اتّباعه في طريق أصعب من الطريق الأولى، فهو الحاضر الغائب، هو المعلّم الّذي لا يمكنني أن ألمسه بعد اليوم بيدي إنّما بإيماني وبثقتي بحضوره في حياتي يسير أمامي ويقودني نحو الخلاص.

    بعد القيامة دعا الرّب الرسل الى مكان اللقاء الأوّل، هو يكمل ويتمّم مسيرة التتلمذ، يعلن لهم أسمى درجات التتلمذ: أن يكونوا أوفياء للعهد الّذي قطعوه له ذاك النهار في الجليل بأن يسيروا خلفه، بأن يعتنقوا مبادئه وينشروا إنجيله. الآن يدعوهم الى إكمال عمله ونشر رسالته بين إخوتهم، يدعوهم لأن يكملوا مسيرة التبشير ويعلنوا إنجيل المسيح القائم من بين الأموات. فخَرَجْنَ مِنَ القَبْرِ وهَرَبْنَ، لِما أَخَذَهُنَّ مِنَ الرِّعدَةِ والدَّهَش، ولَم يَقُلْنَ لأَحَدٍ شَيئاً لأَنَّهُنَّ كُنَّ خائِفات.

    هو ردّ فعل الإنسان الإعتياديّ على حادثة تفوق بطبيعتها قدرة العقل على الفهم والتصوّر.

   فإزاء تجلّي الرّب خاف بطرس ولم يعد يعرف ماذا يقول، هو خوف التلاميذ عند تهدئة العاصفة وخوفهم حين رأوا الممسوس قد شُفي، وخوف النازفة حين علمت ما تمّ معها. هو الخوف حين يقف الإنسان وجهاً الى وجه أمام ما يتخطّى الواقع البشريّ، هو خوف الدخول في علاقة مع الألوهة، هو خوف لقاء الرّب الّذي نجده أيضاً في العهد القديم، إنّما هو خوف جعل من النسوة غير قادرات على إتمام إرادة الرّب في حياتهنّ.

 هي مشكلة الإنسان المؤمن في كلّ زمان ومكان، يخاف من مستلزمات إيمانه والتضحيات التي يتطلّبها، يخاف من عدم أهليّته، يخاف من تغيير حياته وفقدان كماليّاته. هو الأنسان المدعوّ الى التضحية ليعلن لقاء الرّب في حياته والبشارة التي حملها منه شخصيّاً.

 

 

تعميم صادر عن البطريركية المارونية

 بروتوكول 23 /2020  بكركي في 21 آذار 2020

   إخواني السَّادة المطارنة الأجلاَّء

  تحيَّة طيِّبة بالرَّب يسوع،

    أنقل إليكم البيان الصَّادر عن الكنائس المسيحيَّة في سوريا ولبنان الذي تمَّ الاتِّفاق عليه بين رؤساء هذه الكنائس، وأضيف تعليمات عن أحد الشَّعانين وأسبوع الآلام وأحد القيامة.

* أوَّلاً، البيان الصَّادر عن الكنائس المسيحيَّة في سوريا ولبنان (21 آذار 2020)

بناءً على التطورات الأخيرة لانتشار فيروس كورونا، والتعليمات الجديدة الصادرة عن الحكومات المحليّة للوقاية من هذا الوباء، نصلي كي يرأف الله بنا ويهدي الجميع إلى التعقل وحسن التصرف ويشدّد جميع الكوادر الصحية التي تقوم بخدماتها ويشفي جميع المصابين في كل العالم، ونتوجه إلى أبنائنا: 

1 - بضرورة التقيد الكامل بالتعليمات الصحية الرسمية.

2 - بتعليق كافة الخدمات والصلوات العامة بما فيها القداديس في كلّ الكنائس من تاريخه وحتى إشعار آخر.

3 - بإقامة الجنازات في كنائس المدافن حصراُ (إن وجدت) بحضور كاهن الرعية وذوي الفقيد، دون تقبل التعازي.

4 - بإيقاف كافة الاجتماعات والأنشطة من أمسياتٍ ورحلاتٍ وكرامس واحتفالاتٍ ومعارض ومسابقات وغيرها.

5 - بالابتعاد عن كل أنواع التجمعات والتزام البقاء في المنازل، وذلك للوقاية من خطر الوباء مكثفين الصلوات حفاظاً على سلامتهم وذويهم.

                                هذا مع تكرار الدعاء بحفظهم وسلام العالم أجمع.

* ثانيًا، تعليمات

   تُعلَّق الاحتفالات العموميَّة بحضور الشَّعب، ويَستخدم السَّادة المطارنة وكهنة الرَّعايا وسائل التَّواصل الاجتماعيّ لإشراك المؤمنين روحيًّا بهذه المواسم المقدَّسة، فيُقيمون الذَّبيحة الإلهيَّة في أحد الشَّعانين من دون زيَّاح، وخميس الأسرار من دون رتبة الغسل وصمدة القربان المقدَّس، وأحد القيامة من دون رتبة السَّلام والزيَّاح. أمَّا يوم الجمعة فيكتفون برتبة سجدة الصَّليب.

    نواصل صلواتنا وأصوامنا وأعمال التَّوبة إلى الله كي يرأف بنا وبالبشريَّة جمعاء: فيشفي المصابين بوباء الكورونا، ويحمي النَّاجين، ويُلهِم الباحثين والأطبَّاء على إيجاد الدَّواء النَّاجع للقضاء على هذا الوباء ووضع حدّ له. فلتكن هذه الضَّربة القاسية دعوةً لولادة إنسانٍ جديد وعالَمٍ جديد وفق قلب الله.

مع محبَّتي وصلاتي وبركتي الرَّسوليَّة. المسيح قام!  الكردينال بشارة بطرس الراعي 

  

  بناءً على توجيهات وإرشادات سيادة راعي الأبرشيّة المطران منير خيرالله، تتوقّف اجتماعات الاخويات والنشاطات واللقاءات الرعويّة والسَّهرات الانجيلية والتجمُّعات وتمارين المناولة الاولى والكورال وقدّاس الاولاد، ونكتفي بالقدَّاسات اليوميّة وبأيّام الآحاد والأعياد، مع الالتزام بقرارات الكنيسة المتعلقة بالقداسات:

١- الإكتفاء بإلقاء التحيّة او بإنحناءة الرأس عند إعطاء السّلام.

2- المناولة باليد بدلاً من الفم، بوضع اليد اليمنى تحت اليسرى بشكلِ عرشٍ للملك       

    السماويّ.

 3- يُعقى ضميرياً من فريضة المشاركة في القدّاس او أي صلاة جماعيّة في الكنيسة، كلّ مؤمن  يشعر بأي عوارض مرضيَّة مرتبطة بالفيروس (من حرارة وسعال وصداع وزكام وتعطيس، وغيرها ...).

 

 


Copyright © 2020 St John Baptist Parish - All Rights Reserved